علاج

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
علاج

علاج من الطب النبوي علاج من الاعشاب علاج من القران والسنه


    هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في علاج حر المصيبة وحزنها

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 18
    تاريخ التسجيل : 29/08/2009

    هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في علاج حر المصيبة وحزنها Empty هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في علاج حر المصيبة وحزنها

    مُساهمة  Admin السبت أغسطس 29, 2009 8:23 pm

    ـ صلى الله عليه وسلم ـ في علاج حر المصيبة وحزنها
    [size=12]
    قال تعالى‏:‏ ‏{‏وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 155‏]‏‏.‏ وفي المسند عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال‏:‏ ‏(‏ما من أحد تصيبه مصيبة فيقول‏:‏ إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرًا منها، إلا أجاره الله في مصيبته، وأخلف له خيرًا منها‏)‏‏.‏

    وهذه الكلمة من أبلغ علاج المصاب، وأنفعه له في عاجلته وآجلته، فإنها تتضمن أصلين عظيمين إذا تحقق العبد بمعرفتهما تسلى عن مصيبته‏.‏

    أحدهما‏:‏ أن العبد وأهله وماله ملك لله عز وجل حقيقة، وقد جعله عند العبد عارية، فإذا أخذه منه، فهو كالمعير يأخذ متاعه من المستعير، وأيضًا فإنه محفوف بعدمين‏:‏ عدم قبله، وعدم بعده، وملك العبد له متعة معارة في زمن يسير، وأيضًا فإنه ليس الذي أوجده عن عدمه، حتى يكون ملكه حقيقة، ولا هو الذي يحفظه من الآفات بعد وجوده، ولا يبقي عليه وجوده، فليس له فيه تأثير، ولا ملك حقيقي، وأيضًا فإنه متصرف فيه بالأمر تصرف العبد المأمور المنهي، لا تصرف الملاك، ولهذا لا يباح له من التصرفات فيه إلا ما وافق أمر مالكه الحقيقي‏.‏

    والثاني‏:‏ أن مصير العبد ومرجعه إلى الله مولاه الحق، ولا بد أن يخلف الدنيا وراء ظهره، ويجيء ربه فردًا كما خلقه أول مرة بلا أهل ولا مال ولا عشيرة، ولكن بالحسنات والسيئات، فإذا كانت هذه بداية العبد وما خوله ونهايته، فكيف يفرح بموجود، أو يأسى على مفقود، ففكره في مبدئه ومعاده من أعظم علاج هذا الداء، ومن علاجه أن يعلم علم اليقين أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور‏}‏ ‏[‏الحديد‏:‏ 22‏]‏‏.‏

    ومن علاجه أن ينظر إلى ما أصيب به، فيجد ربه قد أبقى عليه مثله، أو أفضل منه، وادخر له ـ إن صبر ورضي ـ ما هو أعظم من فوات تلك المصيبة بأضعاف مضاعفة، وأنه لو شاء لجعلها أعظم مما هي‏.‏

    ومن علاجه أن يطفئ نار مصيبته ببرد التأسي بأهل المصائب، وليعلم أنه في كل واد بنو سعد، ولينظر يمنة، فهل يرى إلا محنة‏؟‏ ثم ليعطف يسرة، فهل يرى إلا حسرة‏؟‏ ، وأنه لو فتش العالم لم ير فيهم إلا مبتلى، إما بفوات محبوب، أو حصول مكروه، وأن شرور الدنيا أحلام نوم أو كظل زائل، إن أضحكت قليلًا، أبكت كثيرًا، وإن سرت يومًا، ساءت دهرًا، وإن متعت قليلًا، منعت طويلًا، وما ملأت دارًا خيرة إلا ملأتها عبرة، ولا سرته بيوم سرور إلا خبأت له يوم شرور، قال ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ‏:‏ لكل فرحة ترحة، وما ملئ بيت فرحًا إلا ملئ ترحًا‏.‏ وقال ابن سيرين‏:‏ ما كان ضحك قط إلا كان من بعده بكاء‏.‏

    وقالت هند بنت النعمان‏:‏ لقد رأيتنا ونحن من أعز الناس وأشدهم ملكًا، ثم لم تغب الشمس حتى رأيتنا ونحن أقل الناس، وأنه حق على الله ألا يملأ دارًا خيرة إلا ملأها عبرة‏.‏

    وسألها رجل أن تحدثه عن أمرها، فقالت‏:‏ أصبحنا ذا صباح، وما في العرب أحد إلا يرجونا، ثم أمسينا وما في العرب أحد إلا يرحمنا‏.‏

    وبكت أختها حرقة بنت النعمان يومًا، وهي في عزها، فقيل لها‏:‏ ما يبكيك، لعل أحدًا آذاك‏؟‏ قالت‏:‏ لا، ولكن رأيت غضارة في أهلي، وقلما امتلأت دار سرورًا إلا امتلأت حزنًا‏.‏

    قال إسحاق بن طلحة‏:‏ دخلت عليها يومًا، فقلت لها‏:‏ كيف رأيت عبرات الملوك‏؟‏ فقالت‏:‏ ما نحن فيه اليوم خير مما كنا فيه الأمس، إنا نجد في الكتب أنه ليس من أهل بيت يعيشون في خيرة إلا سيعقبون بعدها عبرة، وأن الدهر لم يظهر لقوم بيوم يحبونه إلا بطن لهم بيوم يكرهونه، ثم قالت‏:‏

    فبينا نسوس الناس والأمر أمرنا ** إذا نحـن فيهم سوقة نتنصف

    فـــأف لدنيـــا لا يـدوم نـعـيـمهـا ** تقلب تـارات بنـــا وتصـــرف

    ومن علاجها أن يعلم أن الجزع لا يردها، بل يضاعفها، وهو في الحقيقة من تزايد المرض‏.‏

    ومن علاجها أن يعلم أن فوت ثواب الصبر والتسليم، وهو الصلاة والرحمة والهداية التي ضمنها الله على الصبر، والإسترجاع أعظم من المصيبة في الحقيقة‏.‏

    ومن علاجها أن يعلم أن الجزع يشمت عدوه، ويسوء صديقه، ويغضب ربه، ويسر شيطانه، ويحبط أجره، ويضعف نفسه، وإذا صبر واحتسب أنضى شيطانه، ورده خاسئًا، وأرضى ربه، وسر صديقه، وساء عدوه، وحمل عن إخوانه، وعزاهم هو قبل أن يعزوه، فهذا هو الثبات والكمال الأعظم، لا لطم الخدود، وشق الجيوب، والدعاء بالويل والثبور، والسخط على المقدور‏.‏

    ومن علاجها‏:‏ أن يعلم أن ما يعقبه الصبر والاحتساب من اللذة والمسرة أضعاف ما كان يحصل له ببقاء ما أصيب به لو بقي عليه، ويكفيه من ذلك بيت الحمد الذي يبنى له في الجنة على حمده لربه واسترجاعه، فلينظر‏:‏ أي المصيبتين أعظم‏؟‏ ‏:‏ مصيبة العاجلة، أو مصيبة فوات بيت الحمد في جنة الخلد‏.‏ وفي الترمذي مرفوعًا‏:‏ ‏(‏يود ناس يوم القيامة أن جلودهم كانت تقرض بالمقاريض في الدنيا لما يرون من ثواب أهل البلاء‏)‏‏.‏

    وقال بعض السلف‏:‏ لو لا مصائب الدنيا لوردنا القيام مفاليس‏.‏

    ومن علاجها‏:‏ أن يروح قلبه بروح رجاء الخلف من الله، فإنه من كل شيء عوض إلا الله، فما منه عوض كما قيل‏:‏

    من كل شيء إذا ضيعته عوض ** وما من الله إن ضيعته عوض

    ومن علاجها‏:‏ أن يعلم أن حظه من المصيبة ما تحدثه له، فمن رضي، فله الرضى، ومن سخط، فله السخط، فحظك منها ما أحدثته لك، فاختر خير الحظوظ أو شرها، فإن أحدثت له سخطًا وكفرًا، كتب في ديوان الهالكين، وإن أحدثت له جزعًا وتفريطًا في ترك واجب، أو فعل محرم، كتب في ديوان المفرطين، وإن أحدثت له شكاية، وعدم صبر، كتب في ديوان المغبونين، وإن أحدثت له اعتراضًا على الله، وقدحًا في حكمته، فقد قرع باب الزندقة أو ولجه، وإن أحدثت له صبرًا وثباتًا لله، كتب في ديوان الصابرين، وإن أحدثت له الرضى عن الله، كتب في ديوان الراضين، وإن أحدثت له الحمد والشكر، كتب في ديوان الشاكرين، وكان تحت لواء الحمد مع الحمادين، وإن أحدثت له محبة واشتياقًا إلى لقاء ربه، كتب في ديوان المحبين المخلصين‏.‏

    وفي مسند الإمام أحمد والترمذي، من حديث محمود بن لبيد يرفعه‏:‏ ‏(‏إن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط‏)‏‏.‏ زاد أحمد‏:‏ ‏(‏ومن جزع فله الجزع‏)‏‏.‏

    ومن علاجها‏:‏ أن يعلم أنه وإن بلغ في الجزع غايته، فآخر أمره إلى صبر الاضطرار، وهو غير محمود ولا مثاب، قال بعض الحكماء‏:‏ العاقل يفعل في أول يوم من المصيبة ما يفعله الجاهل بعد أيام، ومن لم يصبر صبر الكرام، سلا سلو البهائم‏.‏ وفي الصحيح مرفوعًا‏:‏ ‏(‏الصبر عند الصدمة الأولى‏)‏‏.‏ وقال الأشعث بن قيس‏:‏ إنك إن صبرت إيمانًا واحتسابًا، وإلا سلوت سلو البهائم‏.‏

    ومن علاجها‏:‏ أن يعلم أن أنفع الأدوية له موافقة ربه وإلهه فيما أحبه ورضيه له، وأن خاصية المحبة وسرها موافقة المحبوب، فمن ادعى محبة محبوب، ثم سخط ما يحبه، وأحب ما يسخطه، فقد شهد على نفسه بكذبه، وتمقت إلى محبوبه‏.‏

    وقال أبو الدرداء‏:‏ أن الله إذا قضى قضاء، أحب أن يرضى به، وكان عمران بن حصين يقول في علته‏:‏ أحبه إلي أحبه إليه، وكذلك قال أبو العالية‏.‏

    وهذا دواء وعلاج لا يعمل إلا مع المحبين، ولا يمكن كل أحد أن يتعالج به‏.‏

    ومن علاجها‏:‏ أن يوازن بين أعظم اللذتين والمتعتين، وأدومهما‏:‏ لذة تمتعه بما أصيب به، ولذة تمتعه بثواب الله له، فإن ظهر له الرجحان، فآثر الراجح، فليحمد الله على توفيقه، وإن آثر المرجوح من كل وجه، فليعلم أن مصيبته في عقله وقلبه ودينه أعظم من مصيبته التي أصيب بها في دنياه‏.‏

    ومن علاجها أن يعلم أن الذي ابتلاه بها أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، وأنه سبحانه لم يرسل إليه البلاء ليهلكه به، ولا ليعذبه به، ولا ليجتاحه، وإنما افتقده به ليمتحن صبره ورضاه عنه وإيمانه، وليسمع تضرعه وابتهاله، وليراه طريحًا ببابه، لائذًا بجنابه، مكسور القلب بين يديه، رافعًا قصص الشكوى إليه‏.‏

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 9:31 pm